إشكالات التجريم و العقاب

: بعد الحربين العالميّتين الأولى والثّانية - وما تسبّبتا فيه من كوارث للبشر والبيئة- زاد اهتمام المجتمع الدّولي بحماية حقوق الإنسان أثناء النّزاعات المسلحة، وتكلّلت مختلف الجهود والمساعي بــ "اتّفاق روما" الذي توصّلت أطرافه إلى إنشاء أوّل هيئة قضائية جنائية دوليّة دائمة- هي "المحكمة الجنائيّة الدوليّة". تختص هذه الآلية الدّولية بمُتابعة وعقاب مُرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أثناء النّزاع المسلح - أي الانتهاكات الخطيرة لقواعد القانون الدّولي الإنساني- وقد أقرّ نظامها الأساسي قواعد تجريم مجموعة من الانتهاكات والمُعاقبة عليها.

تُعدُّ قواعد التّجريم والعقاب المُقرّرة – مبدئيًّا-نقطة تحوّل محوّرية في مجال تكريس مبادئ العدالة الجنائيّة الدّولية، غير أنها تُثير في الواقع جُملة من الإشكالات -من النّاحيتين القانونية والعمليّة – التي من شأنها أن تُعيق تحقيق الحماية المطلوبة، وهذا ما تمّ التطرّق إليه من خلال هذا الكتاب، وهو يتضمّن دراسة قانونية أكاديميّة متخصّصة، موجّهة لطلبة القانون والباحثين في مجال العلوم القانونية، وللمُهْتمّين بالثّقافة القانونيّة عُمومًا.