الرأي والرأي الآخر

منصر نورة

10/23/20231 min read

"ولا ذرة تشبه الأخرى"

التباين في الرأي كالاختلاف في كل شيء، فلا شيء في الكائنات الحية مثلا يطابق الآخر مئة بالمئة، حتى التوأم المتماثل لا يملك نفس بصمات الأصابع، ولا ذرة تشبه الأخرى. لكل شخص رأيه ومنطقه الذي يستقي منه فكره الخاص به. التفكير الصائب ينبثق من المنطق، ويشمل في ذلك الإدراك، للوصول للخلاصة الضرورية لبناء فكر، فكر يتوجب علينا احترامه حتى لو لم نتقبّله أو كنا رافضين له، فالمشاركة في نقاش لابد أن تكون متحضرة وكل الأطراف عليهم الالتزام بأدب الحوار والانفتاح على الآخر، لا أن نكون متعصبين، فالحوار يُثري عقولنا ولا ينقص منه شيئا.

لا توجد توافقية في الرأي، فالتباين أمر حتمي. ما يؤثر على الرأي هو البيئة التي يعيش وسطها الشخص وخلفيته، سواء انتمائه الديني، جنسيته أو جنسه، و لغته، حيث ذلك ما يولد عنده منطقه من الواقع الذي يعيشه ورؤيته الخاصة للأحداث، واستخلاصه للعبر والنتائج، هذا طبعا إن كان يملك مساحة للتعبير والقدرة، والجرأة على التفكير الحر، والمعتدل، بعيدا عن الانتماء الجماعي، واستقلاليته التامة في تفسير نتيجة ما توصل إليه والتي يراها مناسبة للواقع المعاش.

نرى أن اختلاف الناس والتفاوت في وجهات النظر هو ما يخلق الإنتاج الفكري ووفرة المعارف، كما يخلق أيضا في حالات عدم الحياد مشاكل للمفكر الحر، حيث يُساء فهمه ويُواجه صعوبات في إيصال فكرته لمّا توصد أبواب الطرف المضاد بوجهه.

أسس الحوار : الرأي والرأي الآخر.

سهل علينا على أرض الواقع الادعاء بسعة الصدر، واحترام رأي غيرنا المخالف لرأينا، لكن في الحقيقة ومع النقاش قد نرى مشاهد تصدمنا، ابتداءً من تلاسن، أو حتى الاعتداء اللفظي على الطرف الآخر.

علينا إدراك أهمية تقبل فكرة أو جملة الأفكار من الجانب الآخر، والاحترام، فالتعصب سببه في الغالب الخوف من الميول والتحيز في الأخير لرأي الآخر، رغم أنه ليس عيبا إن كان على حق، وكنا مخطئين في التقدير، ليس هناك عيب في إعادة الحسابات، وإن كنا شديدي الحرص ومتمسكين في رأينا فلنثبته لكن بطريقة حضارية تليق بمستوانا الفكري والثقافي.